أرشيف
هنا في غزة يفكون رموز شفرة الحاسوب.. شبان يخططون لجعل القطاع مجمعاً عالمياً للتقنية
«مجمع التقنية العالمي» لا يمكن تخيل أن هناك شيئاً بهذا الوصف في قطاع غزة المحاصر الذي أنهكته الحرب. لكن مجموعة من الشباب الفلسطيني في تلك البقعة الصغيرة التي تؤوي 1.8 مليون نسمة يحاولون تغيير مصيرهم عبر اختراق عالم التكنولوجيا، والدخول لعالم التشفير (أي كتابة الأفكار بطريقة يفهممها الحاسوب).
لن تصدق أن هذا المكان في غزة المحاصرة
ثلاث حروب مريرة عاصرها جميع مبرمجي الحواسيب الشباب في مقر Gaza Sky Geek المغطى بالكتابات الجدارية، بيد أن مكان العمل العصري هذا يبدو أشبه بشركة يافعة ما زالت في بداية طريقها الوعر في مستودع بحي هاكني اللندني، لا مكتباً في واحدة من أشقى مدن العالم معاناة من الحروب، حسب وصف صحيفة The Independent البريطانية.
جدران المبنى تغطيها كتابات شتى: عبارات إلهامية مثل «قل نعم للمغامرات الجديدة» وسطور مقتبسة من فيلم Pirates of the Caribbean ورسومات كرتونية.
أما تحت شعارات كل من Amazon وGoogle وMicrosoft فيزدحم المكان بالشباب والشابات وكلٌ يعمل على حاسوبه كأن المكان خلية نحل نشطة.
ولكن من أطلق هذه المبادرة؟
المبادرة انطلقت في بدايتها على يد جوجل بالتعاون مع Mercy Corps الخيرية (مؤسسة إنسانية غير حكومية يوجد مقرها في الولايات المتحدة، وبريطانيا) عام 2011 في محاولة لمساعدة الشباب على إيجاد وظائف، في غزة التي أكثر من نصف سكانها هم شباب دون الـ29 من العمر تعاني من نسبة بطالة رهيبة بين الشباب تصل 60%، لتصنف من بين أعلى المعدلات في العالم حالياً.
والعام الماضي 2017، أطلقت أول أكاديمية لفك الشيفرات في غزة بالتعاون مع شركة التدريب على الحاسوب اللندنية Founders and Coders.
ويضيف «لذا بدأ الناس يفكرون بالإنترنت، سواء كان بالتشفير أم بالعمل الحر أم بالمقاولة أم بتوفير الحلول التقنية، فالإنترنت بات بوابتنا الوحيدة بسبب الحصار، ومع الإنترنت لا يوجد حصار.»
العام الماضي بدأ الفريق دورات تدريبية تمتد لـ6 أشهر في غزة في الوقت الذي كان فيه معظم السكان مازالوا يعيدون بناء حياتهم وأرزاقهم بعيد الدمار الذي لحق بها في حرب عام 2014 مع إسرائيل.
في تلك الحرب التي دامت 50 يوماً قتل أكثر من 2100 فلسطيني بالقطاع فضلاً عن 66 جندياً إسرائيلياً و7 مدنيين في إسرائيل، لكن التوتر وصل أوجه ثانيةً خلال الصيف، وكاد الطرفان أن يشتبكا مجدداً لولا أن تدخلت الأمم المتحدة ومصر لجرهما بعيداً عن حافة الحرب.
والآن ها هم يحاولون الانتقال إلى الضفة.. ولكن إذا سمح لهم الإسرائيليون
وهاهو المجمع التقني الآن يحاول التوسع إلى الجهة الأخرى من فلسطين، ألا وهي الضفة الغربية التي تفصلها الجغرافيا (بينهما إسرائيل) عن قطاع غزة.
معظم سكان غزة من الشباب لم يسبق لهم مغادرة غزة نظراً للحصار الخانق المفروض عليها من قبل إسرائيل ومصر منذ تولت حركة حماس المسلحة قيادة وإدارة القطاع عام 2007.
ولكن ورغم الحواجز الفاصلة، تسعى أكاديمية Gaza Sky Geeks لإطلاق أول فرع لأكاديمية فك شيفرات بالضفة الغربية في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل بل حتى إنها ترسل أبرع مشفريها إلى هناك، إن منحهم الإسرائيليون الإذن بالسفر.
والهدف جعل غزة المجمع التقني للمنطقة والعالم كله
رغم العقبات والتحديات، عقدت أكاديمية Gaza Sky Geeks هذا الشهر اجتماعاً أولياً للتسجيل في مدينة الخليل بالضفة الغربية بغية استقطاب وجذب المهتمين.
الدورة التدريبية لا تقتصر على تدريس التشفير فحسب بل كذلك تساعد الطلبة على تقديم نماذج للشركات والمنظمات الخيرية، وفي آخر شهرين من برنامجها تتحول الدورة التدريبية إلى شبه مكتب للتوظيف فتضمن لطلبتها وظائف بدوام كامل.
يقول أبو عويدة متابعاً «نريد أخذ مهاراتنا وشبكاتنا إلى الضفة الغربية. إننا نعمل للتو مع شركات مختلفة وعلامات تجارية عديدة مثل Amazon وFacebook وGoogle. علينا مشاركتهم بهذا.»
ويقول «إن مهمتنا في نهاية المطاف هي جعل غزة المركز والمجمع التقني لكل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بل وحتى العالم.»